عنوان المقال: عقد العمل المثالي الكاتبة: م.م. جمانة جاسم الاسدي
واقعا ومما لا يخفى على الجميع ، ان عقد العمل المبرم بين اي شخص طبيعي مع صاحب عمل هو في حقيقته وثيقة قانونية ترتب علاقة عقدية ورابطة تبعية اقتصادية، لها اثارها واحكامها المعتد بها ، بحيث يعود اليها الاطراف لضمان حقوقهم عند اخلال احد طرفي العقد ، ولذلك فمن الافضل للطرفين من ان يبدئوا علاقتهم بشكل سليم ومضمون قانونيا بحيث يحتوي العقد على اهم البنود التي تأطر العلاقة العقدية العمالية وتضمن للطرفين حقوقهم بشكل او بأخر ، دون ان تكون هنالك احتمالية وجود بنود خفية او مجحفة لا يعلم بها احد الاطراف .
ابتداءً يستحسن ان يكون عقد العمل باللغة العربية الفصيحة (بالنسبة للمتعاقدين العراقيين او العرب) وعلى نسختين، يكون لدى كل طرف منهم نسخة واضحة وموقعة من كليهما، والتوقيع على جميع صفحات العقد (في حال كونه اكثر من صفحة)، وبذلك يضمن المتعاقد انعدام امكانية التلاعب بالالفاظ والمفردات وعدم تغير محتوى الصفحات الخالية من التوقيعات ، كما ان الامر ذاته يجب ان يتحقق فيما لو كان العقد بلغة اجنبية ، فيحرر بنسختين موقعتين وبلغة محايدة للطرفين متفق عليها من قبلهم .
كلما كان العقد مبسط اللغة ومختصر البنود وخالي من الغموض ، كلما كان بعيد عن التعقيد القانوني ، لذا يتوجب على المتعاقدين جعله خاليا من التفاصيل القانونية الاضافية التي لا داعي لها ، لان الاستزادة بالبنود هي بوابة للاختلاف والضرر ، وهذا ما لا يحمد وجوده .
ان تحديد المواعيد ضروري جدا في العقد ، من حيث مدة العقد ، ومواعيد بدء العمل وانتهاءه وساعاته اليومية وتمتع العامل بالاجازات الاسبوعية والسنوية والعطل الرسمية ، من البنود التي يجدر الاتفاق عليها واضافتها وعدم تركها عرضة للتغيير والتلاعب ، بالاضافة الى ما سبق يجدر بالعامل تحقق علمه بالزيادات على الاجور والمكافأت واجور العمل الاضافي والمطالبة بالنص عليها حتى لا يكون امام حالة استنزاف بشري .
هنالك بعض اصحاب العمل ممن يحاولون اضفاء شروط معينة من شأنها ان تخلي مسؤولية صاحب العمل من التعويض ووقف التعاقد لاي سبب ، وبذلك قد يكون العامل المتعاقد هو تحت سلطة وسلطان صاحب العمل المتعسف الذي قد يطرده دون اسباب مبررة ، والافضل ان يكون العامل متيقنا لهذه الشروط وعارفا بنتائجها وحذرا منها ، كما ان على كلا المتعاقدين الانتباه والتركيز على الشروط الجزائية التي يجب ان تكون موجودة في العقد ولكن بشكل معقول لا يذهب بأحد الاطراف الى تهلكة الازمة المالية دون علمه .
ان غاية عمل العامل هي الحصول على الاجر طبعا ، ولذلك فمن باب اولى، يجدر بكلا الطرفين الاتفاق بشكل صريح على مقدار الاجر و العمولة والمكافأت ومواعيد الدفع والاستحقاق ، ويفضل ان تكون العملة المتفق عليها هي العملة الوطنية حتى لا يتحمل العامل فرق التصريف مع العملات الاجنبية ، كما ان الاتفاق على اماكن دفع الاجور هي من المحبذات السديدة (كأن يكون الدفع عن طريق مصرف معين او مكتب حوالة او مكان العمل نفسه) ، حتى نقطع دابر التشتت والنزاع حول هذا الامر مسبقا .
ان الاتفاق المسبق على امكانية العمل في اماكن اخرى والنص عليه ضمن بنود العقد ، لهو امر في غاية الاهمية لانه يحصن العامل من احتمالية وجود بنود تمنع العمل بأكثر من مكان في ذات الوقت وهذا ليس من مصلحة العامل الذي يحاول ان يأمن حياته الاقتصادية وتطويرها ، مع الاخذ بنظر الاعتبار ان الاتفاق على عدم التعامل مع الشركات والمؤسسات المنافسة لصاحب العمل ممكن، في حدود حفظ اسراره التجارية وعدم الاخلال بمبادئ حسن النية في التعامل .
يستحسن كذلك ان يقوم المتعاقدين بتحديد موقع المحكمة التي يرفع امامها النزاع العمالي فيما لو اخل احد طرفي العقد ببنوده (محليا او دوليا –في حال العامل الاجنبي-) ، حتى تكون في المكان الذي يسهل على الطرفين قصده لتنعدم المشقة وعناء الاسفار من مكان الى اخر لمتابعة سير الدعوى العمالية وحضور مرافعاتها .
فيما يخص العمال المتمتعين بمكنة المعرفة الفنية او الاستحداثات الفكرية وبراءة الاختراع، فعليهم لزاما التأكيد على حقوق الملكية الفكرية من ناحية الحقوق المعنوية (تسجيل براءة الاختراع بأسم العامل) والحقوق المالية (عوائد استثمار البراءة) ، وتحديد القانون المختص (خاصة مع العمال الاجانب) ، بمقابل حرية تصرف العامل في البراءات فيما لو كانت حرة او عرضية ، الا ان هذا الامر يختلف عندما تكون البراءات هي خدمية انتجت بناءً على اتفاق مسبق .
اخيرا وليس اخرا ، نوصي ان لا يحتوي العقد على اي مخالفة قانونية للقواعد الامرة في القوانين العمالية والمدنية او القواعد العرفية، بحيث لا يعارض النظام العام ويعاكس الاخلاق والاداب العامة بأي شكل من الاشكال ، حتى لا يكون عرضة للابطال والزوال .